من اين لك هدا......يا دولتي من اين تتكون الميزانية...

مشروع قانون مالية 2010 يناقش داخل قبة البرلمان, فرصة لنا لننبش قليلا في التفاصيل كالعادة..
لننطلق من منهجية 2008, مع القيام بتحديث طفيف للأرقام, سترون فعلا أنه ليس هناك تغيير كبير, للتبسيط فقط سوف ننسى الـ SIGMA والحسابات الخاصة للخزينة وسنركز فقط على الميزانية العامة..
لنفترض مثلا –لغرض التبسيط فقط - أن الدولة تتوفر على مبلغ 100 درهم في الميزانية العامة ( في الواقع راها 216 065 088 000 درهم أي ما يعادل تقريبا 19 مليار أورو)
حسنا, لنر من أين تأتي هذه ال 100 درهم التي تتوفر عليها الدولة؟
و كيف تقوم الدولة بإنفاقها؟
من أين تأتي ال 100 درهم التي تتوفر عليها الدولة؟
في البداية, لدينا الثلاثي الرئيسي الذي لا يتغير أبدا :
19 درهم تأتي من الضريبة على القيمة المضافة TVA ( كتخلصها إيلا شريتي الحليب, إيلا بغيتي تدخّل الـ ADSL للدار, إيلا شريتي طونوبيل كات كات, إيلا شربتي غير قهيوة, طبعا إذا كان مول القهوة اللي كتكلس فيها كيديكلاري المبيعات..)
18 درهم تأتي من الضريبة المفروضة على الشركات ( إيلا كنتي شركة, و كنتي كتربح بزاف ولا شوية, حسب الديكلاراسيون ديالك اللي درتي, كتخلّص)
12 درهم تأتي من الضريبة على الدّخل ( الرواتب, الإيجارات, رسوم الخدمات المهنية..)
حسنا, حتى الآن جمعنا ما قدره 49 درهم, الباقي سنجمعه كما يلي:
6 دراهم من الرسوم الجمركية ( كتب, ملابس , دي في دي, من غير هادوك ديال غير درب غلف و باب الحد ومن غير سلعة الكونطر بوند طبعا)
5 دراهم من الضريبة على منتجات الطاقة ( فاش كتعمّر لبّلان )
6 دراهم من رسوم التسجيل (الرسوم المفروضة على التحويلات إذا كنت في مجال العقار, و السيارات إيلا كانت عندك شي وحدة..)
3 دراهم من الضريبة المفروضة على التبغ ( إيلا كنتي كتكمي راك كتضر صحتك, ولكن ماشي ميزانية الدولة)
2 دراهم تأتي من القطاع الخاص ( في سنة 2010 ستقوم الدولة ببيع حصص ب 4 ملايير درهم, لمن يرغب في معرفة المزيد يمكنكم إلقاء نظرة على التقرير حول الشركات العامة)
1 درهم من أرباح الدولة في أسهم اتصالات المغرب (اتصالات المغرب تدفع أيضا الضريبة على الشركات, لكنها أساسا تملأ جيوب المساهمين, خصوصا الفرنسيين, عن طريق الأرباح على الأسهم و أرباح الشركة الأم ٍvivendi)
أقل من 1 درهم تأتي من المكتب الوطني للفوسفاط وصندوق الإيداع و التدبير (أمر مخيب للآمال فعلا, خصنا نعرفو السبب ديال ضعف مساهمة هاد الجوج قطاعات المهمّين فميزانية الدولة !!)
مزيان, لكن الميزانية ديالنا باقا مكملاتش, باقي خصنا 23 درهم, حسنا, ستفعل الدولة كما يفعل الجميع في هذه الحالة : ستقوم باقتراضها من السوق, خصوصا القروض المحلية..
الآن وقد جمعنا ال100 درهم, بقي لنا أن نعرف كيف ستصرف..
ماذا تفعل الدولة بال 100 درهم؟
لن يتغير شئ مما تعرفونه, بال 100 درهم الدولة تقوم بثلاثة أشياء :
60 درهم لدفع الرواتب و نفقات التشغيل.
23 للاستثمار
17 لتسديد الديون وفوائدها.
بالنسبة للمتتبعين سوف يلاحظون أنه قد حصل تغيير في حصّة الاستثمار و الديون بالمقارنة مع 2008 (23 درهم للديون و 17 درهم للاستثمار)
الشئ الذي يمكن اعتباره تقدما ملحوظا, حيث أن عبء الديون انخفض إلى حد كبير..
والآن لنر بعض تفاصيل إنفاق ال 100 درهم :
35 درهم لدفع رواتب المأجورين ( نلاحظ أن المبلغ في ازدياد ففي 2008 كان فقط 32 درهم منها 16 درهم لرجال التربية و التعليم(
19 درهم لوزارة التربية الوطنية ( 16 درهم السابقة إضافة ل 3 دراهم للمعدات و المباني)
17 درهم لتسديد الديون (3 دراهم للديون الخارجية و 14 درهم للديون الداخلية)
12 درهم تذهب لنفقات الجماعات ( خصوصا صندوق الموازنة)
11 درهم تذهب للجيش ( الرواتب , المعدّات..)
6 دراهم لوزارة الداخلية.
1 درهم للقصر الملكي.
1 درهم للعدالة المغربية التي تشتغل كثيرا هذه الأيام كما يعلم الجميع !!
0.1 درهم للثقافة.
المجموع لا يعطيك 100 درهم بطبيعة الحال, ذلك لأننا ذكرنا فقط المصاريف الأساسية و الرمزية..
مزيان,أخيرا قمنا بحساب أرقام مشروع قانون المالية.. لكن ضروري من بعض الملاحظات..
عذرا, بما أنني عدمي, لا يمكن لي التوقف هنا, لا بد لي من إضافة بعض الملاحظات الشخصية و إلا سوف أمرض :
بصرف النظر عن حفظ أعباء الديون و انخفاض عائدات الضرائب , الميزانية لديها نفس الهيكل العامّ منذ عامين , في حين أن الحالة الاقتصادية ليست هي نفسها و أن الأزمة الاقتصادية العالمية مرّت من هنا أيضا (وصل إلى مسامعي أن الوزير الناصري قد أكّد في أحد تصريحاته أن المغرب هو المنطقة الوحيدة التي لا توجد فيها أزمة اقتصادية !!)..
وزير مالية في المغرب لخّص دوره في محاسب "خارق" لديه مساحة محدودة للعمل ( كما الوزير الأول), يكتفي فقط بإدارة الأعمال اليومية في محاولة لتحقيق التوازن في الميزانية مع الحفاظ عليها ثابتة كما فعل أسلافه.
في أعمدة l économiste أثار الحبيب المالكي نقطة جديرة بالاهتمام , حول استخدام العجز في أوقات الأزمات الاقتصادية مثل التي نعيشها الآن, غالبا ما يكون من المستحسن التدقيق قليلا في الميزانية في حدود التحمل لتعزيز الاستثمار و الاستهلاك بدلا من أن تبقى الأموال مجمدة, إنه اختيار قامت به العديد من البلدان : أن تدقق جيدا في الميزانية, وهذا طبعا ليس خيار الدولة المغربية ( اللي كيبان أنها من الكليانات الصحاح ديال صندوق النقد الدولي)
مشروع قانون الميزانية لعام 2010 يتنبأ بعجز في الميزانية قدره 4 % في حين أن 5% أو 6% يمكن احتمالها و كان من الممكن أن تفسح المجال لسياسة تطوعية طموحة و مبادرة.
على العموم,هذه النقطة حول احتمال الخسارة كان من الممكن أن تفتح مجالا واسعا للنقاش, غير أنه بإمكاننا إثارة انتباه الحبيب المالكي و أصدقاؤه إلى أنه لا الوزير الأول ولا وزير المالية عندنا له حق اتخاذ القرار...

جزاك الله خيرا

تابع بهدا التألق