أحكام الجهر والمخافتة بالأذكار

من طرف ع.المرقاوي الخميس يناير 28, 2010 3:53 am

التلفظ بالأذكار في نفس الذاكر أفضل من رفع الصوت بها لقوله عز وجل: [وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ](الأعراف: 206).

قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن(4/2791) في قوله تعالى: [ وَدُونَ الْجَهْرِ] أي دون الرفع من القول أي أَسْمعْ نفسك، كما قال تعالى: [وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً] أي بين الجهر والمخافتة. ودل هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع+اهـ.

وقال النبي": =يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم، ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً، بصيراً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته+رواه الإمام أحمد في المسند (4/394،402، 417،418).

والبخاري في مواضع من صحيحه/انظر كتاب الجهاد/باب ما يكره من رفع الصوت(3/199)، وكتاب المغازي/باب غزوة خيبر(5/75)، وكتاب القدر/باب =لا حول ولا قوة إلا بالله+(7/213)، وكتاب التوحيد/ باب =وكان الله سميعاً بصيراً (8/168)، ومسلم في كتاب الذكر/باب استحباب خفض الصوت بالذكر(4/2076) رقم2704، وأبو داود(2/182) رقم 1526، 1527/كتاب الوتر/باب في الاستغفار، والترمذي في كتاب الدعاء(5/457) باب رقم 3.

قال الحافظ في الفتح(6/135): قوله (اربعوا على أنفسكم) بفتح الموحدة أي ارفقوا. قال الطبري: = فيه كراهة رفع الصوت بالدعاء، والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين + اهـ.

وقال النووي في الأذكار ص7: =اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت أو مستحبة، لا يحسب شيء منها، ولا يعتد به حتى يتلفظ به، بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع، لا عارض له. والله أعلم+اهـ.

هذا حكم الذكر في عموم الأوقات، إلا أن هناك أوقاتاً وأحوالاً وردت الأدلة بمشروعية الجهر به فيها، منها:

أولاً: رفع الصوت بالتلبية في الحج والعمرة: وذلك فيما أخرج الإمام مالك بن أنس_رحمه الله تعالى_في الموطأ(1/334) رقم 34 بقوله: =عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبدالملك بن أبي بكر ابن الحارث بن هشام، عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه، أن رسول الله"، قال: =أتاني جبريل، فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال_يريد أحدهما+.

ومن طريق مالك أخرجه الإمام الشافعي في المسند(1/513) رقم 794، وأحمد في مسنده(4/56)
وأبو داود(2/404) رقم 1814، والبغوي في شرح السنة(7/53) رقم 1867، والبيهقي في الكبرى(5/41) والدارمي في السنن(1/430).

وأخرجه أحمد في المسند(4/55) والنسائي في المجتبى(5/162) وابن ماجه في السنن(2/975) رقم 2922، وابن الجارود في المنتقى ص114 رقم 434، والدار قطني في السنن(2/238) رقم 10، والطبراني في الكبير(5/229) رقم 5173، والحاكم في المستدرك(1/450) والبيهقي(5/42) وابن حبان في صحيحه(9/112) رقم 3802، وابن خزيمة في صحيحه(4/173) رقم 2627، والحميدي في المسند(2/377) رقم 853، وابن أبي شيبة في المصنف المفقود ص430 رقم 300 من طريق سفيان بن عيينة، عن عبدالله بن أبي بكر به.

وأخرجه الإمام أحمد(5/192) وابن ماجه في السنن(2/975) رقم 2923 وابن حبان في صحيحه(9/112) رقم 3803، والبيهقي في الكبرى(5/42)، والطبراني في الكبير(5/228) رقم 5168، 5169، 5170، وابن خزيمة في صحيحه(4/174) رقم 2628 والحاكم في المستدرك(1/450) وابن أبي شيبة رقم 301 من طريق سفيان الثوري، عن عبدالله بن أبي لبيد، عن المطلب بن عبدالله بن حَنْطَب، عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد الجهني، عن رسول الله"قال: =أتاني جبريل"، فقال: يا محمد، مر أصحابك، فليرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنه من شعائر الحج +.

هذا لفظ أحمد، ولفظ ابن ماجه، وابن حبان والطبراني: (فإنها من شعائر الحج).

ولفظ ابن خزيمة والبيهقي والحاكم Sad

فإنها شعار الحج).

وتابع سفيانَ الثوريَ موسى بنُ عقبة، حدثني المطلب بن عبدالله بن حَنْطَب عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله": =أتاني جبريل، فقال لي: اشعر بالتلبية؛ فإنها شعار الحج) أخرجه ابن خزيمة في الصحيح(4/174) رقم 2629، والطبراني في الكبير(5/229) رقم 5172.

هذا لفظ ابن خزيمة، ولفظ الطبراني: (أتاني جبريل_عليه السلام_فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية؛ فإنها من شعار الحج).

ورواه الطبراني في الكبير(5/229) رقم 5171 من طريق موسى بن عقبة أيضاً أخبرني أبو المغيرة من بني زهرة، عن المطلب بن عبدالله بن حَنْطَب، عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن زيد بن خالد الجهني صاحب رسول الله"، أن رسول الله"قال: =أتاني جبريل_عليه السلام_فقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعار الحج +.

درجة هذا الحديث عند أهل العلم

قال الترمذي: (حديث خلاد، عن أبيه، حديث حسن صحيح، وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد، عن النبي"ولا يصح. والصحيح هو عن خلاد بن السائب، عن أبيه، وهو خلاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري)اهـ.

وقال في العلل(1/377) رقم 131: سألت محمداً عن حديث موسى بن عقبة، قال حدثني المطلب بن عبدالله ابن حَنْطَب، عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله": (أتاني جبريل، فقال لي: اجهر بالتلبية؛ فإنها من شعار الحج)؟ فقال: الصحيح ما روى عبدالله بن أبي بكر، عن عبدالملك بن أبي بكر، عن خلاد ابن السائب، عن أبيه، عن النبي".

وقال ابن حبان: =سمع هذا الخبر خلاد بن السائب من أبيه، ومن زيد بن خالد الجهني، ولفظهما مختلفان، وهما طريقان محفوظان+ اهـ.

وقال البيهقي: =والصحيح رواية مالك وابن عيينة، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عبدالملك عن خلاد بن السائب، عن أبيه، عن رسول الله"كذلك قال البخاري وغيره+ اهـ.

وقال البغوي في رواية مالك بعد إيراد الحديث: قال
أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

وقال الحاكم: هذه الأسانيد كلها صحيحة، وليس يعلل واحد منها الآخر؛ فإن السلف_رضي الله عنهم_كان يجتمع عندهم الأسانيد لمتن واحد كما يجتمع عندنا. وأقره الذهبي.

وقال ابن عبدالبر في التمهيد(17/239):

هذا حديث اختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، وأرجو أن تكون رواية مالك فيه أصح إن شاء الله. اهـ.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (المفقود)ص430: (حدثنا أبو أسامة، عن موسى بن عبيدة، عن يعقوب بن زيد، قال كان أصحاب رسول الله"لا يبلغون الروحاء حتى تبح أصواتهم من شدة تلبيتهم) إسناده حسن. رجاله ثقات غير موسى بن عبيدة وهو الرَّبذَي فهو ضعيف في عبدالله بن دينار.

وقال ابن أبي شيبة أيضاً(المفقود)ص431: (حدثنا وكيع، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبدالله، قال: كان أصحاب رسول الله"يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم وكانوا يُضْحُون للشمس إذا أحرموا).

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري(3/408): =وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من طريق المطلب بن عبدالله..إلخ.

قلت: وهو كما قال إسناده صحيح، رجاله ثقات.

وقال البخاري في الصحيح(4/14) كتاب الجهاد/باب الارتداف في الغزو والحج حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبدالوهاب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة عن أنس÷قال: كنت رديف أبي طلحة، وإنهم ليصرخون بهما جميعاً: الحج والعمرة).

وترجمه البخاري في موضع آخر بقوله:(2/147) باب رفع الصوت بالإهلال/ من كتاب الحج.

وقال ابن أبي شيبة في المصنف(المفقود) ص430: (حدثنا ابن إدريس عن حزام بن هشام، عن أبيه، أن عمر كان يلبي على الصفا والمروة، ويشتد صوته، ويعرف صوته بالليل ولا يرى وجهه) إسناده صحيح، رجاله ثقات. حزام بن هشام هو ابن حبيش الخزاعي ذكره ابن حبان في الثقات(6/247) وقال أبو حاتم الرازي_كما في الجرح والتعديل(3/298): شيخ محله الصدق.

وأبوه له صحبة كما في الإصابة للحافظ ابن حجر(3/603) رقم 8960.

وعن أبي بكر الصديق÷أن النبي"سئل أي الحج أفضل ؟ قال Sad

العج والثج).

أخرجه الدارمي في السنن ص427 كتاب المناسك باب أي الحج أفضل، والترمذي في الجامع(3/189) رقم 827، وابن ماجه(2/975) رقم 2924، وابن خزيمة في صحيحه(4/75) رقم(2631)، والحاكم في المستدرك(1/451) والبيهقي في الكبرى(5/42) والبزار في البحر الزخار(1/144) رقم 72، وأبو يعلى في مسنده(1/109) رقم 117.

من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيْك، عن الضحاك بن عثمان، عن محمد بن المنكدر، عن عبدالرحمن بن يربوع، عن أبي بكر الصديق به.

قال الحاكم: هذا حديث حسن صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.

وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكر إلا من هذا الوجه وعبدالرحمن بن يربوع قديم، وقد حدث عنه عطاء بن يسار ومحمد بن المنكدر وغيرهما. عبدالرحمن بن يربوع أدرك الجاهلية. اهـ.

وقال البيهقي: قال أبو عيسى: سألت عنه البخاري؟ فقال: هو عندي مرسل محمد بن المنكدر لم يسمع من عبدالرحمن بن يربوع.

وقال الترمذي: ومحمد بن المنكدر لم يسمع من عبدالرحمن بن يربوع. اهـ.

قلت: إسناده حسن إن سلم من الإرسال.

وقد فسّر رواة هذا الحديث: العج برفع الصوت بالتلبية، والثج: بنحر البدن أي إهراق الدم.

ورفع الصوت بالتلبية خاص بالرجال دون النساء بالإجماع.

قال ابن عبدالبر في التمهيد(17/242): (وأجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تسمع نفسها. فخرجت من جملة ظاهر هذا الحديث، وخصت بذلك، وبقي الحديث في الرجال، وأسعدهم به من ساعده ظاره، وبالله التوفيق).

وقال الساعاتي في بلوغ الأماني(11/189): (وأجمعوا أن المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية، وإنما عليها أن تسمع نفسها مستدلين بحديث ابن عمر: =لا تصعد المرأة فوق الصفا والمروة، ولا ترفع صوتها بالتلبية+.

رواه البيهقي موقوفاً على ابن عمر، وبما رواه ابن أبي شيبة عن معن، عن إبراهيم بن أبي حبيبة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: =لا ترفع المرأة صوتها بالتلبية+ ومن حديث أبي الجويرية، عن حماد، وعن إبراهيم مثله، وعن عطاء كذلك+.اهـ([1])

ثم وجدت له شاهداً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما_قال: إن رسول الله"قال: (إن جبريل أتاني، فأمر أن أعلن بالتلبية) أخرجه أحمد(1/321) حدثنا عبدالصمد، حدثنا عبدالرحمن_يعني ابن عبدالله بن دينار، حدثنا أبو حازم، عن جعفر، عن ابن عباس به.

رجاله ثقات معروفون رجال الصحيح غير جعفر فلم يتميز لي من هو ؟ عبدالصمد هو ابن عبدالوارث العنبري التَّنُّوري. وأبو حازم هو سلمة بن دينار الأعرج.

وقال ابن أبي شيبة في المصنف(المفقود) ص430: حدثنا الثقفي، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، قال: سئل ابن عباس ما هو الحج ؟ قال Sad

العج والثج). إسناده صحيح. الثقفي هو عبدالوهاب بن عبدالمجيد.

ومنها: الذكر بعد الصلاة.

عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله". رواه البخاري في الصحيح(1/204) كتاب الأذان/باب الذكر بعد الصلاة ومسلم في الصحيح(1/410) رقم 583/كتاب المساجد ومواضع الصلاة/باب الذكر بعد الصلاة. ومنها التكبير أيام(منى).

قال البخاري في الصحيح(2/7)/ كتاب العيدين/ باب التكبير أيام(منى) وإذا غدا إلى عرفة، وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بـ(منى) فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج(منى) تكبيراً، وكان ابن عمر يكبر بـ(منى) تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً، وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبدالعزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد.

قال الحافظ في الفتح(2/462):

(قوله: وكان عمر يكبر في قبته بمنى. . الخ

وصله سعيد بن منصور من رواية عبيد بن عمير، قال: كان عمر يكبر في قبته بمنى، ويكبر أهل المسجد ويكبر أهل السوق حتى ترتج(منى) تكبيراً ووصله أبو عبيد من وجه آخر بلفظ التعليق، ومن طريقه البيهقي.اهـ.

قلت: ومكانه عند البيهقي في السنن الكبرى(3/312).

وقال الحافظ أيضاً(2/462): قوله: (وكان ابن عمر …الخ وصله ابن المنذر والفاكهي في أخبار مكة من طريق ابن جريح: (أخبرني نافع، أن ابن عمر … الخ فذكره سواء.

قوله: (وكان النساء … الخ) في رواية غير أبي ذر: (وكن النساء) وهي على اللغة القليلة. . وقد وصل هذا الأثر أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب العيدين، وحديث أم عطية في الباب سلفهن في ذلك) اهـ.

ومن أنواع الذكر التي جاءت الأخبار بالجهر بها:

قراءة القرآن: فقد ثبت عن النبي"أنه قال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) رواه عنه أبو هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وابن عباس_رضي الله عنهم_أما حديث أبي هريرة÷ فأخرجه البخاري([2]) وأبو عوانة([3]).

قال البخاري Sad

وزاد غيره) Sad

يجهر به).

من طريق أبي عاصم، أخبرنا ابن جريج، أخبرنا ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.

وأما حديث سعد بن أبي وقاص÷فأخرجه أحمد([4]) وأبو داود([5]) والدارمي([6]) والحميدي([7]) وابن أبي شيبة([8]) وابن حبان([9]) والحاكم([10]) وأبو عوانة([11]) والطحاوي([12]) وأبو يعلى([13]) والطيالسي([14]) والمروزي([15]).

من طرق، عن عبدالله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عبدالله بن أبي نُهَيْلك عن سعد بن أبي وقاص به.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح([16]).

قلت: وهو كما قالوا: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

وأما حديث بن عباس÷فأخرجه الحاكم([17]) وأبو عوانه([18]) من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس به إسناده صحيح، رجاله ثقات.ورواه أبو عوانه([19]).

من طريق عبيد الله بن العيزار، عن رجل، عن ابن عباس به إسناده فيه ضعف من أجل الرجل المبهم. وعبيد الله بن العيزار هو المازني البصري ثقة قاله يحيى بن سعيد القطان كما في الجرح والتعديل(5/330) رقم 156_وذكره ابن حبان في الثقات(7/148)

وعن أبي هريرة÷أنه سمع رسول الله"يقول: =ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغني بالقرآن، يجهر به+.

رواه أحمد([20]) والبخاري([21]) ومسلم([22]) وأبو داود([23]) والنسائي([24]).

قال الحافظ ابن حجر:

=وذكر الطبري عن الشافعي أنه سئل عن تأويل ابن عيينه (التغني) بالاستغناء ؟ فلم يرتضه، وقال: =لو أراد الاستغناء لقال: (لم يستغن) +.

وإنما أراد تحسين الصوت. قال ابن بطال: =وبذلك فسره ابن أبي مليكة، وعبدالله بن المبارك، والنضر بن شميل+ أهـ([25]).

وقال الحافظ أيضاً:

=أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن، مالم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه حرم+ أهـ([26]).

قلت: الصواب أن المراد بالتغني بالقرآن هو تحسين الصوت بقراءته فقد جاء عند أبي داود: =أن عبدالجبار بن الورد قال لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال: يُحسِّنه ما استطاع+([27]).

وروى عبدالرحمن بن السائب، قال: قدم علينا سعد بن مالك بعد ما كف بصره، فأتيته مسلماً، وانتسبت له، فقال: مرحباً بابن أخي، بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن ؟

سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: =إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه، فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغنَ به فليس منا+.

أخرجه ابن ماجه([28]) وأبو يعلى([29]) والبيهقي([30]).

من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا إسماعيل بن رافع أبو رافع،حدثني ابن أبي مليكة،عن عبدالرحمن ابن السائب به.

قال البوصيري: هذا إسناد فيه رافع، واسمه إسماعيل بن رافع ضعيف متروك([31]).

وعن البراء بن عازب÷قال قال رسول الله": =زينوا القرآن بأصواتكم+.

رواه أحمد([32]) والنسائي([33]) وأبو داود([34]) وابن ماجه([35]) وأبو عوانه([36]) والبخاري تعليقاً([37]) وابن خزيمة([38]) والحاكم([39]) والبيهقي([40]) وابن حبان([41]).

من طرق عن طلحة بن مصرف اليامي، عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب به.

إسناده صحيح، رجاله ثقات.

وأخرجه ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: من طريق محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير، حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن الإسكندراني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله"قال:

=زينوا القرآن بأصواتكم+([42]) إسناده صحيح، رجاله ثقات.

قال الحافظ ابن حجر_رحمه الله تعالى_:

=قال ابن بطال: المراد بقوله: =زينوا القرآن بأصواتكم+ المدّ والترتيل، والمهارة في القرآن جودة التلاوة بجودة الحفظ فلا يتلعثم، ولا يتشكك، وتكون قراءته سهلة بتيسير الله تعالى كما يسره على الكرام البررة+ اهـ([43]).

وقال البغوي_رحمه الله تعالى_:

=وروي عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله": =زينوا القرآن بأصواتكم+.

ذهب بعضهم إلى أن هذا من المقلوب، ومعناه: =زينوا أصواتكم بالقرآن+ ويروى هكذا عن رسول الله"، كما يقال: عرضت الناقة على الحوض =أي عرضت الحوض على الناقة+([44]).

قلت: وهذا الذي حرره البغوي جاء في رواية معمر بن راشد عند عبدالرزاق عنه، عن منصور، عن طلحة عن عبدالرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، أن رسول الله"قال: =زينوا أصواتكم بالقرآن+([45]) ومن طريق عبدالرزاق رواه الحاكم([46]) بلفظ: =زينوا أصواتكم بالقرآن+.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخل رسول الله"المسجد، فسمع قراءة رجل، فقال: =من هذا؟+ فقال عبدالله بن قيس. فقال: =لقد أوتي هذا مزامير آل داود+. أخرجه ابن أبي شيبة([47]) وأحمد([48]) والدارمي([49]) وابن سعد([50]) وأبو عوانة([51]) والبغوي([52]) وابن ماجه([53]).

من طريق يزيد بن هارون، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.

إسناده حسن ورجاله ثقات غير محمد بن عمرو وهو ابن علقة، صدوق حسن الحديث.

وعن بريدة بن الحصيب÷قال: قال رسول الله": =لقد أوتي الأشعري مزماراً من مزامير آل داود+.

أخرجه ابن أبي شيبة([54]) وأحمد([55]) والدارمي([56]) ومسلم([57]) وابن سعد([58]) وعبدالرزاق([59]) وأبو عوانة([60]).

من طريق مالك بن مِغْوَل، عن ابن بريدة، عن أبيه به اسناده صحيح/ رجاله ثقات.

وعن عائشة أم المؤمنين_رضي الله عنها_أن النبي"سمع صوت أبي موسى من مزامير الأشعري وهو يقرأ، فقال:

=لقد أوتي أبو موسى من مزامير داود+.

أخرجه ابن أبي شيبة([61]) وعبدالرزاق([62]) وأحمد([63]) وابن سعد([64]) والنسائي([65]) وابن حبان([66]) والمروزي([67]).

من طريق سفيان بن عيينة ومعمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به.

إسناده صحيح، رجاله ثقات.

وعن عبدالرحمن بن كعب، أن النبي"قال: لأبي موسى، وسمعه يقرأ القرآن: =لقد أوتي أخوكم من مزامير آل داود+.

رواه ابن أبي شيبة([68]) وابن سعد([69]) من طريق شبابة، عن ليث بن سعيد، عن ابن شهاب، عن عبدالرحمن بن كعب ابن مالك به.

إسناده صحيح، رجاله ثقات إلا أنه مرسل، عن عبدالرحمن بن كعب من كبار التابعين، ويقال: ولد في عهد النبي".

وعن أبي موسى الأشعري÷، أن النبي"قال له: =يا أبا موسى، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود+. أخرجه البخاري([70]) والترمذي([71]).

من طريق أبي يحيى الحِمّاني، حدثنا بُرَيد بن عبدالله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى به.

ورواه مسلم([72]) وابن حبان([73]) والبيهقي([74]).

من طريق يحيى بن سعيد الأموي، قال: حدثنا طلحة، عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري، قال: استمع رسول الله"قراءتي من الليل، فلما أصبحت، قال: يا أبا موسى، استمعت قراءتك الليلة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود.

قلت: يا رسول الله، لو علمت مكانك لحبَّرْتُ لك تحبيراً.

وأخرجه الحاكم([75]).

من طريق محرز بن هشام الكوفي، حدثنا خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد ابن أبي بردة، عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: =مرّ النبي"بأبي موسى ذات ليلة ومعه عائشة. وأبو موسى يقرأ، فقاما، فاستمعا لقراءته، ثم مضيا، فلما أصبح أبو موسى، وأتى النبي"، فقال النبي": =مررت بك يا أبا موسى البارحة، وأنت تقرأ، فاستمعت لقراءتك+ فقال أبو موسى: يا نبي الله، لو علمت بمكانك لحبَّرْتُ لك تحبيراً+.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي/ قلت: إسناده حسن. رجاله ثقات غير خالد بن نافع، فقد ضعفه النسائي وأبو زرعة. وذكره ابن حبان في الثقات([76]).

وعن أنس بن مالك_رضي الله عنهما_أن أبا موسى الأشعري قام ليلة يصلي، فسمع أزواج النبي"صوته، وكان حُلوَ الصوت، فقمن يستمعن، فلما أصبح، قيل له: إن النساء كن يستمعن. فقال: لو علمت لحبرتكن تحبيراً، ولشوقتكن تشويقاً.

أخرجه ابن سعد([77]).

من طريق يزيد بن هارون وعفان بن مسلم، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك به.

إسناده صحيح، رجاله ثقات.

وأخرجه الإمام أحمد([78]).

من طريق محمد بن أبي حفصة، وابن حبان([79]).

من طريق عمرو بن الحارث كلاهما عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي"سمع عبدالله بن قيس يقرأ، فقال: =لقد أعطي هذا من مزامير آل داود النبي عليه السلام+ إسناده صحيح/ رجاله ثقات.

وعن أم هانئ_رضي الله عنها_قالت: كنت أسمع قراءة النبي"، وأنا على عريشي+.

أخرجه النسائي([80]) وأحمد([81]).

من طريق أبي العلا العبدي هلال بن خباب، عن يحيى بن جعدة أبي جعدة بن هبيرة المخزومي، عن أم هانيء به.

إسناده صحيح، رجاله ثقات.

فهذه الأخبار، فيها الحث والحض على تزيين الصوت وتحسينه بقراءة القرآن، أي أن قراءته تكون جهراً، بصوت حسن، وخشوع، وترتيل، وتحزين. إلا أن الجهر به مقيد بما لا يشغل غيره، ولا يؤذيه من مصلٍ، أو نائم أو نحو ذلك. فقد جاءت الأخبار بالنهي عن ذلك.

قال الله_عز وجل_: [وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً].

قال العلامة ابن سعدي_عليه رحمة الله تعالى في الآية:=[ولا تجهر بصلاتك] أي قراءتك،[ولا تخافت بها] فإن في كل من الأمرين محذوراً+([82]).

وعن أبي سعيد الخدري÷قال: =اعتكف رسول الله"في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستور وقال: إن كلكم يناجي ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفعنّ بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: الصلاة+.

أخرجه عبدالرزاق([83]) ومن طريقه أحمد([84]) وأبو داود([85]) والحاكم([86]) والبيهقي([87]).

وقد علت أصواتهم بالقراءة. فقال: =إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن+.

أخرجه الإمام مالك عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي، عن أبي حازم التمار، عن البياض به([88]).

ومن طريق مالك أخرجه الإمام أحمد([89]) والبخاري([90]) والنسائي([91]) والبغوي([92]) والبيهقي([93]).

قال ابن عبدالبر:

=وحديث البياضي وحديث أبي سعيد ثابتان، صحيحان+([94]).

قلت: وهو كما قال إسناده صحيح، رجاله ثقات. أبو حازم اسمه: دينار الغفاري المدني مولى بني رهم ذكره ابن حبان في الثقات([95]).

وقال العجلي: مدني تابعي ثقة([96]).

وقال الحافظ المزي: =قال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود: أبو حازم حدث عنه محمد بن إبراهيم ؟ قال: ثقة، وقال أبو عمر بن عبدالبر: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات+([97]).

وأما البياضي فاسمه فروة بن عمرو بن وَدْقَة بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري صحابي شهد العقبة وبدراً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله"قاله أهل العلم([98]).

ومن طريق يحيى بن سعيد أخرجه عبدالرزاق في المصنف(2/498) رقم 4217.

وعن علي بن أبي طالب÷عن النبي"أنه نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العتمة وبعدها، يغلط أصحابه، والقوم يصلون.

أخرجه أحمد([99]) وأبو يعلى([100]).

من طريق خالد بن عبدالله، عن مطرّف، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي به.

قال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه الحارث وهو ضعيف([101]).

وقال الحافظ في التقريب:

=الحارث بن عبدالله الأعور الهمداني بسكون الميم الحوتي بضم المهملة، وبالمثناة فوق الكوفي أبو زهير، صاحب علي. كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف+اهـ.

قلت: وبقية رجاله ثقات.

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي"اعتكف وخطب الناس، فقال: =أم