أظنُ أني أضعت الطريق

من طرف ام مريمة الإثنين يونيو 07, 2010 6:43 am

محال أن أرى صدرا احن علي من صدرك

كعادتي كل يوم
أخرج للعمل مبكراً
فلا أري إلا ازدحام الطرقات
الغير منتهي والغير محلول
سيارات في كل مكان
هذا مسرع وكأنه في سباق
والأخر يسير بتأني
وغيرهم يسير
وكأن الشارع ملكاً له ولا أحد خلفه
ومن وسط هذه الضوضاء
ومن بين حنايا الطريق
لفتت انتباهي قطة
تحيط بها صغيراتها
أخذت أحدق بهم
سبحان من خلق
سبحان من زرع حب الأمومة
في قلب هذا الحيوان
تارة تمسح بيديها عليهم
ولحظة تلعقهم بلسانها حناناً
تبعدهم عن الطريق خوفاً
تلعب معهم فرحين
وهناك شاب جامعي خرج مسرعاً
يتنقل من حافلة إلى أخري
باحثاً عن عمل
يتناسب مع تطلعه
ودراسته وسوق العمل
هناك عامل أسيوي
ترك أهله وبلده وتغرب
من أجل لقمة العيش
تحرقه أشعه الشمس
ويبلله المطر ولا يتوقف
لا يكل ولا يمل يعمل ليلاً نهار
وهناك من بعيد في الجانب الآخر
أم تعبر الطريق ممسكة بطفليها
تقودهم بحذر إلى المدرسة
و تودعهم مبتسمة
تنظر إليهم بحب وحنان
تتركهم هناك وقلبها معهم
إلى وقت اللقاء
وهناك أب خرج من بيته
حاملاً أبنه المعاق
وفي يده الأخرى كرسيه المتحرك
مبتسم يحمد الله على ما أعطاه
وفي زاوية أخري
رجل ممسك بيد أبنته الكفيفة
سعيداً بها وسعيدة به
ترى الحياة وتبتسم لسعادة
وأن كانت لا ترى
ويحمد ربه وتحمد ربها
من نعمة حرمت منها
ونعم لم تعطي لغيرها
وهناك رجل كهل ذاق مرارة الأيام
جالس على كرسيه
يحيط أبناءة وأحفاده
بحكمة ونصح وإرشاد
ففي وجودة معهم بركة لا تنقطع
وفي مخيلتي من بين هذه الصور
هنا مرت أمي
ومعها شريط حياتي ابتدأ
وفي وسطه رحلت عني
ومن بينهم جدتي وهي تحكي لي حكاية
بدايتها مولدي وأوسطها حياتي
ونهايتها ستذكرها لأبنائي
عوضاً عن أمي
ولا زلت في الطريق ولم أصل
وأظن أني أضعت الطريق
مع أنه هو الطريق
كل يوم لي معه لقاء
لا يتغير ولا يتوقف
إلا برحيلي